01‏/03‏/2010

ما الروح ؟

ما الروح؟

إنه سؤال محير حقاً...

يطول التفكير به حتى تصل إلى باب مسدود ، وتقف أمامه عاجزٌ ..

حتى تدرك أنه ماهيتها غامضة ..

لن تستطيع بتفكيرك المجرد أن تصل الحقيقة الكاملة عن هذه الروح التي يفرق الله بها بين الحي والميت!

لكنك تدرك أنها شيء عظيم على الرغم من عدم قدرتك على لمسها والإحساس بها أو كينونتها داخل حيوان حقير كالنملة!

فوجودها هو سبب الحياة وانعدامُها انعدامَها ..

لذلك سأل الكفار النبي صلى الله عليه وسلم عنها لعلمهم اليقين بأنه لا يجيب عن سؤالهم إلا رسول مرسل ..

فأوحى الله عز وجل لنبيه الكريم:( وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً ) [الإسراء: 85]

فعقل الإنسان القاصر عاجز عن فهم غيبيات الأمور وأسرار الخلق..

قال الشهيد سيد قطب ونحسبه عند الله كذلك ولا نزكي على الله أحد في تفسير هذه الآية وتحليلها كلمات موجزة تعرف الإنسان قدره :

"وليس في هذا حجر على العقل البشري أن يعمل . ولكن فيه توجيها لهذا العقل أن يعمل في حدوده وفي مجاله الذي يدركه . فلا جدوى من الخبط في التيه , ومن إنفاق الطاقة فيما لا يملك العقل إدراكه لأنه لا يملك وسائل إدراكه . والروح غيب من غيب الله لا يدركه سواه , وسر من أسراره القدسية أودعه هذا المخلوق البشري وبعض الخلائق التي لا نعلم حقيقتها . وعلم الإنسان محدود بالقياس إلى علم الله المطلق , وأسرار هذا الوجود أوسع من أن يحيط بها العقل البشري المحدود . والإنسان لا يدبر هذا الكون فطاقاته ليست شاملة , إنما وهب منها بقدر محيطه وبقدر حاجته ليقوم بالخلافة في الأرض , ويحقق في ها ما شاء الله أن يحققه , في حدود علمه القليل .

ولقد أبدع الإنسان في هذه الأرض ما أبدع ; ولكنه وقف حسيراً أمام ذلك السر اللطيف - الروح - لا يدري ما هو , ولا كيف جاء , ولا كيف يذهب , ولا أين كان ولا أين يكون , إلا ما يخبر به العليم الخبير في التنزيل "ا.هـ,

هل لله روح ؟؟

حاشاه ذلك وتعالى الله عنه علواً كبيراً ، فهو خلْق خلقه الله كما خلق القلم ..

وإنما نسبت الروح له تشريفاً وتعظيماً لها ..

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " فليس في مجرد الإضافة ما يستلزم أن يكون المضاف إلى الله صفة له ، بل قد يضاف إليه من الأعيان المخلوقة وصفاتها القائمة بها ما ليس بصفة له باتفاق الخلق ، كقوله تعالى (بيت الله) و (ناقة الله) و(عباد الله) بل وكذلك روح الله عند سلف المسلمين وأئمتهم وجمهورهم . ولكن إذا أضيف إليه ما هو صفة له وليس بصفة لغيره مثل كلام الله وعلم الله ويد الله ونحو ذلك كان صفة له " انتهى من "الجواب الصحيح" (4/414) .

كلنا من روح ..

أريدك أيها القارىء الكريم أن تصل في النهاية إلى قدسية ما بين جنبيك وعظمتها فهي ليست ملكك ولن تملكها..

فلذلك هي عزيزة ثمينة .. لا تشترى بمال أو متاع !!

إلا أن تقايض مالكُها بجنة من عنده .. وأي كرمٍ هذا .. تشتري من عبدِك ما أعطيتَه ، سبحانك مالك الملك الكريم الحليم..

أنظر حبيبي في الله وتأمل في هذه الآية :

(الله الذي خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام , ثم استوى على العرش , ما لكم من دونه من ولي ولا شفيع . أفلا تتذكرون . يدبر الأمر من السماء إلى الأرض , ثم يعرج إليه في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون . ذلك عالم الغيب والشهادة العزيز الرحيم . الذي أحسن كل شيء خلقه , وبدأ خلق الإنسان من طين . ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين . ثم سواه ونفخ فيه من روحه , وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة . قليلا ما تشكرون).

أعرفت الآن أين كانت روحك ولمن تعود؟؟

فهي روح من عند الله شرف بها آدم وأحياه ..

لذلك أمر الله ملائكته بالسجود له تكريماً لخلقه العظيم..

فهم من سيكتبون أعمال بنيه وتوزيع أرزاقهم وهم حملة الرسالات إلى ذريته من الأنبياء والرسل وهم من يقبضون أرواحهم ..

وهم من نصر المؤمنين يوم بدر بأمر من الله..

((بَلَى إِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ وَيَأْتُوكُم مِّن فَوْرِهِمْ هَـذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُم بِخَمْسَةِ آلافٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُسَوِّمِينَ )) (آل عمران: 125)

فكل منا نحن معشر بني آدم لا سبيل لنا في النجاة من النار والرجوع إلى الجنة إلا بالسمو بهذي الروح الطيبة ، وتطهير الجسد التي تسكنه وما يحويه من الدرن .

يقول النبي صلى الله عليه وسلم : (ألا وإن في الجسد ‏ ‏ مضغة ‏ ‏إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب ‏) أو كما قال الصادق المصدوق .

وإنما الهدف من هذي المدونة أن نعتني بصفاء القلب والروح والجسد والعقل وكل ما وهبنا الله عز وجل ويحاسبنا عليه.

ففي النهاية لا سبيل لنا إلى لملاقاته .

وطوبى لمن سُرَّ واشتاق لرؤية وجهه الكريم .

وويل لمن صَدَّ واستكبر واتبع الشيطان الرجيم .

هل الروح هي النفس ؟

كثيراً ما يرد لفظ ( الروح ) في القرآن الكريم وفي مواضع أخرى يرد لفظ ( النفس ) لتخدم نفس المعنى!

وكلاهما تعني سبب الحياة ووجودها.

يقول الله عز وجل في محكم التنزيل :

( يلقى الروح من أمره على من يشاء من عباده ) غافر

) وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ) الشورى

( ولا تقتلوا أنفسكم ) النساء

وكذلك ما ورد بالسنة المطهرة ما أخرجه البزار بسند صحيح عن أبى هريرة رضي الله عنه ( أن المؤمن ينزل به الموت ، ويعاين ما يعاين ، يود لو خرجت نفسه والله تعالى يحب لقاءه ، وأن المؤمن تصعد روحه إلى السماء فتأتيه أرواح المؤمنين فيستخبرونه عن معارفه من أهل الدنيا ) .

نلاحظ في هذا الحديث أن النفس والروح وردتا معاً ليخبرنا أنهما شيء واحد!

الختام والسلام ..

و أدلل على قدسية وطهارة الروح النفس في الأصل وكلنا كذلك..

أن الأصل فينا كان في جنة الخلد ومن يعمل منا صالحاً يعود إليها..

وإنما الروح التي نفخها الله في جسد آدم أمرت أن تعبد الله مخلصةً له الدين ..

تعمر الأرض وتخلفها خير خلافة من الله عز وجل .

وما كان لآدم خليفة الله أن يعصي الله لولا غواية إبليس الرجيم ..

والا فالأصل في الروح الطهارة لا تشوبها شائبة..

وإنما تأمر بالسوء وتُغوى ..

والله الهادي إلى سواء السبيل ..

فأقول في نهاية المطاف :

فاسمُ بروحك نحو العزِّ قائدُها

إلى الجنانِ وخيرُ العِزِّ بالنظرِ

إلى وجوهٍ يكونُ النورُ ساكنُها

وخيرُ نورٍ بدا من خالقِ البشرِ

03‏/02‏/2010

بسمه تعالى ..





الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدي وحبيبي وقائدي وقرة عيني محمد عليه أفضل الصلاة وأجل التسليم ..
لطالما انتظرت هذه اللحظة التي ألتقي بكم فيها أعزائي القراء والمدونين في هذه المدونة التي أسأل الله عز وجل أن يوفقني فيها لمرضاته تكرماً منه وفضلاً ، ويرزقني قربه ومحبته ورضوانه.. ويشرفني بمدحه والثناء عليه وتمجيده هو كما أثنى على نفسه ، فهو الله أهل الثناء والمجد سبحانه ..
وإنها لفرصة عظيمة أن يتفكر العبد في ملكوت الله سبحانه وتعالى وأسماءه وصفاته ، وينسى دنياه الفانية وهمومها ولوللحظات لتصفو فيها روحه ونفسه فهو الأصل في النفس المجبولة على الفطرة..
الإياب إلى بارئها في كل حال ، والتذلل والعبودية له وذكر جميله وعظيم فضله ..
فكانت هذه المدونة..
لنعطي تلك المضغة حقها في صفاءها من الدرن ..
ونروي ذاك الجَنان الذي حبانا الله به علماً بعظمته وكريم إحسانه ..
فوزن العبد عند الله ما يحمل قلبه وينضح عقله ..


وصلِّ اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين